(( آفة الحسد )) لفضيلة الشيخ خالد الراشد
صفحة 1 من اصل 1
(( آفة الحسد )) لفضيلة الشيخ خالد الراشد
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له،
وأشهد أن لا إلــــــــه الا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله،،
(( ياأيها الذين آمنوا إتقوا الله حق تقاته ولاتموتن إلا وأنتم مسلمون))
يا أيها الناس إتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء وإتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا))))
(( ياأيها الذين آمنوا إتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما))
أمــــــــــــا بعد :
فإن أصدق الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
عباد الله جعل الله المحبة خالصة بين المسلمين هي أوثق عرى المحبة في الله وجمع بين المتحابين فيه تحت ظلال عرشه ، ووثق الإسلام ذلك بوجوب المحافظة على مال المسلم وعرضه ونفسه بأن لا يصيبه أذى ولا يمس بسوء ولكن تُظهربعض النفوس بنيات سيئة تتشفى ممن أنعم الله عليهم ورزقهم من خيره بالحقد والحسد فيثمر ثمرا خبثا غيبة ونميمة وإستهزاء وغيرها
والحسدعباد الله آفة عظيمة ومصيبة خطيرة بل لقد بدأت تشق طريقها بين صفوف المسلمين طهر الله قلوبنا منها ،،
ولقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل ما يعكر صفو المحبة بين المسلمين فقال بأبي هو وأمي ،،
لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا وكونوا عباد الله إخوانا ولا لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث)) متفق عليه
)
تعريــــف الحســـــد:
الحسد هو تمني زوال النعمة عن صاحبها سواء كانت نعمة دنيا أو نعمة دين
أضـــــــراره:
وهوخلق ذميم مع إضراره للبدن وإفساده للدين وفي ذلك تعدي وأذى على المسلم نهى الله ورسوله عنه
الأدلـــــــة من القران:
قال تعالى
والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ماإكتسبوا فقد إحتملوا بهتانا وإثما مبينا))
وقال تعالى في ذم الحاسدين وإستنكار لفعلهم
أم يحسدون الناس على ماآتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما)))
حقــيـقة الحســــــد:
شدة الأسى على الخيرات التي تكون في أيدي الناس
جاء في تفسير القرطبي في قوله تعالى:
(أم يحسدون الناس على ماآتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما)
. قال في قوله (( أم يحسدون......)) قال هم اليهود والناس يعني النبي صلى الله عليه وسلم
وعن إبن عباس ومجاهد وغيرهما قالوا (حسدوا محمد صلى الله عليه وسلم على النبوة وحسدوا أصحابه على الإيمان به
ولا زالت آثار حسدهم تظهر يوما بعد يوم).
وماشهدته أرضنا في فلسطين بالأمس أكبر دليل على ذلك وإن والله الذي يحدث هناك على مرأى ومسمع من العالم كله لهو خزي وعار للعالم أجمع .
بحكامه وشعوب.
قال قتادة (الناس هم العرب حسدتهم اليهود على النبوة) ، وقال الضحاك ( حسدت اليهود قريشا لان النبوة فيهم ).
والحسد مذموم وصاحبه مغموم وهو يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب.
وقال عبد الله ابن مسعود: (لا تعادوا نعم الله. قيل له ومن يعادي نعم الله , قال: الذين يحسدون الناس على ماآتاهم الله من فضله يقول الله تعالى في بعض الكتب : ( الحسود عدو نعمتي متسخط لقضائي غير راضٍ بقسمتي.....)
ولمنصور الفقيه :
ألا قل لي من ضل حاسدًا * * أتدري على من أسأت الأدبا
أسأت على الله في حكمه * *إذ أنت لم ترضى لما وهبا
بدايــــــــة الحســـــد:
ويقال الحسد أول ذنب عصي الله به في السمـــاء ، وأول ذنب عصي الله به في الأرض
فأما في السمــــــاء فحسد إبليس لآدم عليه السلام ، وأما في الأرض فحسد قابيل لهابيل
قال بعض أهل التفاسيرفي قول الله تعالى: ( ربنا أرنـا اللــذين أضــلانا من الجـــن والإنـــس وإجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين)
قال إنه أراد باللذين من الـــجن إبليس
ومن الإنــــس قابـــيل
وذلك أن إبليس كان أول من سن الكفر، وقابيل كان أول من سن القتل وأنما كان أصل ذلك كله من الحسد والعياذ بالله
ولقد أحسن من قال :
إصبر على حسد الحسود فإن صبرك قاتله.... فالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله
انـــواع الحســــــد:
والحسد نوعان: مذموم ومحمود
، أما المذموم: أن تتمنى زوال النعمة عن أخيك المسلم فسواء تمنيت مع ذلك أن تعود اليك أو لا
أن تتمنى زوال تلك النعمة من بين يدي أخيك المسلم سواء تمنيت أن تعود عليك هذه النعمة أم لا تتمناها المهم أن تزول من بين يدي أخيك وهذا النوع هو الذي سماه الله في كتابه وإنما كان مذموما لأنه تكذيب لله تعالى إنما كان مذموما لأنه تكذيب لله تبارك وتعالى وأنه أنعم على من لا يستحق.
وأما المحمود فهو ماجاء في صحيح الحديث في قوله صلى الله عليه وسلم(لا حسد إلا في إ ثنتين رجل أتاه الله القران فهو يقوم به آناء الليل وأناء النهار ورجل آتاه الله مالا فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار))
فأنت تتمنى أن تكون مثله ، أنت تتمنى أن تكون مثله مع بقاء تلك النعمة عنده وهذا الحسد معناه الغبطة
_حقيقتها ان تتمنى ان يكون لك ما لأخيك المسلم من الخير والنعمه ولا يزول عنه ذلك وقد يجوز ان يسمى ذلك منافسة
ومنه قوله تبارك وتعالى { وفي ذلك فليتنافس المتنافسون }
فإذا انعم الله على اخيك بنعمة فلك فيها حالتان إما حاسد وإما مغتبط ، فالأول حرام بكل حال الحسد حرام بكل حال ، إلا نعمتان اصابها فاجر او كافر وهو يستعين بها على تهييج الفتنة وإفساد ذات البين وإيذاء الخلق فلا يضرك كراهتك لها ومحبتك لزوالها فإنك لا تحب زوالها من حيث هي نعمة بل من حيث هي آلة إفساد وتدمير،
أما الغبطة لا بأس بها وهي تمني النعمة مع عدم تمني زوالها كما ذكرنا.
والحسد عباد الله في الحقيقة نوع من معاداة الله جل وعلا فإنه يكره نعمة الله على عبده _ يعني الحاسد_ وقد أحبها الله له ويحب زوالها والله يكره ذلك فالحاسد مضاد لله في قضاءه وقدره ومحبته وكراهيته ، ولذلك كان إبليس عدو الله حقيقة لأن ذنبه كان عن كبر وحسد وقلع هاتين الصفتين والتخلص منهما يعني الكبر والحسد يكون بمعرفة الله وتوحيده والرضا عنه والإنابة اليه
أسبـــــاب الحسد:
أما أسباب الحسد عباد الله فمنها العداوة والبغضاء ،، فإن من أذاه إنسان لسبب من الاسباب وخالفه في غرضه أبغضه قلبه ورسخ في نفسه الحقد ،
والحسد يلزم البغض والعداوة ولا يفارقهما فإن كان حاقدًا لزم من حقده الحسد والبغض والكراهية ولا يفارقهما فإذا أصاب عدوه بلاء فرح وإذا أصابته نعماء ساءه ذلك
ومن أسباب الحسد أيضا الكبر والعجب وهو أن يصيب بعض نظرائه مالا أو ولاية فيخاف أن يُتكبر عليه ولا يطيق تكبره أو يكون ذلك الشخص دونه فلا يحتمل ترفعه عليه اومساواته
وكان حسد الكفار للنبي صلى الله عليه وسلم قريبا من ذلك ،،
قال تعالى( وقالوا لولا نزل هذا القران على رجل من القريتين عظيم)
وقالوا عن المؤمنين: ( أهؤلاء من الله عليهم من بيننا))
ومن أسباب الحسد أيضا وهو ما تفشى اليوم حب الرئاسة والجاه ومثاله أن الرجل الذي يريد أن يكون عديم النظير في مجال من المجالات أو فن من الفنون إذا سمع بنظير له في مكان ما ساءه ذلك وأحب هلكه أو زوال نعمته التي يشاركه بها وذلك لحب الرئاسة والجاه والإنفراد به.
ومن الأسباب أيضا خبث النفس وبخلها وهذا يحب الإدبار لغيره ويبخل بنعمة الله على عباده ، فإذا وُصف له حسن حال عبد من عباد الله شق ذلك عليه ، وإذا وصف له أمرسوء وتنغيص عيش الناس فرح بذلك والعياذ بالله
قال بعض العلماء: البخيل من يبخل بمال نفسه والشحيح الذي يبخل بمال غيره.
سبحان الله كأنهم يأخذون ذلك من ملكه وخزائنه.
عباد الله والحسد أيضا يدخل بين الأقران والأمثال في أكثر الأحيان فالعامل يحسد العامل والتاجر يحسد التاجر والفلاح يحسد الفلاح
أصل الحســـــــد:
فأصل الحسد والعداوة التزاحم على غرض واحد ومنشأ ذلك كله،، حـــب الدنيــــــــا
فإن الدنيا هي التي تضيق على المتزاحمين وأمـــــا الآخرة فلا ضيق فيها
إعلم أخي الحبيب أنه بحسب فضل ألإنسان وظهور النعمة عليه يكون حسد الناس له ، فإن كثر فضله كثر حساده وإن قل فضله قلوا ، لأن ظهور الفضل يثير الحسد، وحدوث النعمة يضاعف الكمد.
أما من ثمار الحسد،، فاعظمها الحقد أن الحقد أعظم ثمار الحسد وذلك يثمر أمورا كثيرة منها ما فعله إخوة يوسف بيوسف من ثمار الحقد ما فعله إخوة يوسف بيوسف ، حين أظهروا ما في قلوبهم من الحقد والحسد ،،
قال تعالى مخبرا عنهم: ( ليوسف وأخوه أحب الى أبينا منا ونحن عصبة إن أبانا لفي ضلال مبين إقتلوا يوسف أو إطرحوه أرضا يخلوا لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعده قوما صالحين)))
فكان ثمرة ذلك تفكك الأسرة وتغرب يوسف عدد سنين وذلك كله بسبب الحسد والحقد .
وقُتل عثمان رضي الله عنه حسدا ،، قال أبو قتادة ما قتلوا عثمان الاحسدا أي حسدوه على الخلافة فأحبوا أن يزيلوها عنه.
ومن ثمار الحسد أيضا هجر الإخوان بعضهم بعضا وإعراضهم عن بعض وتكلم الإخوان في بعضهم بما لا يحل من كذب وغيبة وإفشاء سر وهتك ستر وقد يقود ذلك الى الإيذاء بالضرب وغيره، المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يهجره ولا يحقره قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى
أثنى الله تعالى على الأنصار فقال ( ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا))
أي مما أوتي إخوانهم المهاجرون , قال المفسرون: لا يجدون في صدورهم حاجة أي حسدا وغيضا مما أوتي المهاجرون وقيل من الفضل والتقدم عليهم فهم لا يجدون حاجة مما أوتوا من المال ولا الجاه والحسد يقع في هذا.
عبـــــــــــاد الله يصل الى الحاسد خمس عقوبات قبل أن يصل الى المحسود شئ ،،
أولها : غم لا ينقطع
ثانيها:مصيبة لا يؤجر عليه
ثالثها : مذمـة لايحمد بها
رابعها :سخط الرب
خامسها : عدم التوفيق يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم قلب لا يحمل غشا ولا حسدا ولا حقدا على أحد من المسلمين
اللهم طهر قلوبنا من النفاق.... وأعمالنا من الرياء..... اللهم لا تؤاخذنا بالتقصير...... وأعفو عنا الكثير إنك نعم المولى ونعم النصير نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فإستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك تعظيما لشأنه وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي الى رضوانه اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه
أما بعد أحبتي أوصيكم ونفسي بتقوى الله... إتقوا الله عباد الله...إتقوا الله عباد الله ( وإتقوا يوما ترجعون فيه الى الله)
قال القرطبي في تفسير قوله تعالى ( ومن شر حاسد إذا حسد))
قال العلماء الحاسد لا يضر الا إذا أظهر حسده بفعل أو قول وذلك بأن يحمله الحسد على إيقاع الشر بالمحسود فيتبع مساوئه ويرصد عثراته ،،
قال صلى الله عليه وسلم (إذا حسدت فلا تتبع))يعني لا تتبع العثرات.., وهذه السورة أي سورة الفلق دالة على أن الله سبحانه خالق كل شر وأمر نبيه أن يتعوذ من جميع الشرور
فقال جل وعلا (من شر ماخلق))
وجعل خاتمة ذلك الحسد تنبيها على عظمه وكثرة ضرره والحاسد عدو نعمة الله ، قال بعض الحكماء :بارز الحاسد ربه من خمسة أوجه ،،
أولها : أنه ابغض كل نعمة ظهرت على غيره
ثانيها:أنه ساخط لقسمة ربه، كأنه يقول ربي لما قسمت هذه القسمة.
ثالثها:أنه ضَادَّ الله بفعله أي أن فضل الله يؤتيه من يشاء وهو يبخل بفضل الله تبارك وتعالى
رابعه :أنه خذل أولياء الله أو يريد خذلانهم وزوال النعمة عنهم وهذا من الخذلان.
خامسها:أنه أعان عدوه إبليس.
وقيل عباد الله:الحاسد لا ينال في المجالس إلا ندامةً ولا ينال عند الملائكة إلا لعنة وبغضاءً ولا ينال في الخلوة إلا جزعاً وغما ولا ينال في الاخرة إلا حزنا واحتراقاً ولا ينال من الله إلا بعدا ومقتًا ،،روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( ثلاثة لا يستجيب الله دعائهم ، آكل الحرام، ومخبر الغيبة ومن كان في قلبه غلٌ أو حسدٌ للمسلمين)
ومما يروى عن الحسد والحاسدين قال ابن عبد الله : (كان رجل يخشى بعض الملوك فيقوم بحذاء الملك ويقول: أحسن الى المحسن باحسانه فإن المسئ سيكفيه إساءته.كان يردد هذا دائما حين يعمل على حذاء الملك ،فحسده رجل على ذلك المقام والكلام فسعى به الى الملك وقال : ان هذا الذي يقوم بحذائك ويقول ما يقول زعم ان الملك تخرج من فمه رائحة كريهة ،فقال له الملك :وكيف يصح ذلك عندي ، كيف اثبت عليه ذلك عندي؟ قال: فادعوه اليكَ . فإنه إذا دنا منكَ وضع يده على أنفه لئلا يشم رائحة البخط ـ الرائحة الكريهةـ فقال الملك :انصرف حتي أنظر.فخرج الرجل من عند الملك ودعا ذلك الرجل الذي يقوم بحذاء الملك ، فدعاه الى منزله فأطعمه طعاما فيه ثوم فخرج الرجل من عنده وقام بحذاء الملك فقال كعادته أحسن الى المحسن باحسانه فإن المسئ سيكفيه إساءته فقال له الملك ادنوا مني ، فدنا منه ووضع يده على فيه مخافة أن يشم الملك منه رائحة الثوم ، فقال الملك في نفسه ما أرى فلانا الا صدق ، قال وكان الملك لا يكتب بخطه الا بجائزة أو صلة ، فكتب الرجل كتابا بخطه الى عامل من عماله كتب فيه،إذا اتاك حامل الرسالة هذه فاذبحه واسلكه واحشوا جلده تبنا وابعث به اليَّ ، فأخذ الرجل الكتاب وخرج وهو لا يدري ما الذي كتب في الكتاب فلقيه الرجل الذي سعى به واطعمه الثوم ، فقال ماهذا الكتاب ، قال خطَّا الملك لي صلةً ،فقال الحاسد هبه لي فقال له :هو لك ، فأخذه ومضى به الى العامل ،وقال العامل له : أتدري ماذا في الكتاب ؟قال :هبة لي. قال في الكتاب اني اذبحك وأسلخك ،فقال ان الكتاب ليس لي ، بل هو لفلان أعطاه اياه وانا اخذته منه ، فالله الله في امري حتى تراجع الملك.قال العامل : ليس لكتاب الملك مراجعة. فذبحه وسلخه وملأ جلده تبناً وبعث به الى الملك .ثم عاد الرجل كعادته الى الملك وقال مثل قوله : أحسن الى المحسن باحسانه فإن المسئ سيكفيه إساءته ، فعجب الملك وقال :مافعل الكتاب ؟ قال : لقيني فلان فاستوهبه مني فوهبته .قال له الملك : إنه ذكر لي انك تزعم أني صاحب رائحة كريهة قال: ما قلت ذلك.قال له الملك: اذا لماذا وضعت يدك على فيك حين دنوت مني .قال : لانه اطعمني طعاما فيه ثوم فكرهت ان تشمه .قال : صدقت .ارجع الى مكانك ، فقد كفا المسئ إساءته
ولا يحيق النصرُ السئ الا بأهله.
أما موقف المسلم عباد الله من حاسديه فأولها يكتم غيضه , ثم يعفوا عن الناس ثم يجمع بين ما سبق ، فإن الله يحب المحسنين ,
قال تعالى: (والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين )
فلا ترد الاساءة بالاساءة وجزاء سيئة سيئة مثلها , فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين .وان تدعوا الله لك ولهم بتطهير القلوب وقضاء السر والسريرة , فذلك طبع المحسنين ،
قال الله تعالى : ( ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي لأحسن فاذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ).
ولكي نتخلص من الحسد لابد من الاخلاص لله ، لان المخلص لله لا يحمل حسدا ولا غلا على المسلمين ، كما يجب ان يرضى العبد عن ربه ويمتلأ القلب بذكره .
يقول ابن القيم: إن الرضا يفتح للعبد باب السلامة ويجعل قلبه نقيا من الغش والغل ولا ينجوا من عذاب الله الا من أتى الله بقلب سليم .
كما يجب علينا تدبر القرآن ففيه دواء وشفاء لما في الصدور
كما قال الذي نزل القرآن : (ياأيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور)
كما يجب علينا تذكر الحساب والعقاب الذي ينال من يؤذي المسلمين ، كما يجب علينا الدعاء لأنفسنا ولاخواننا حتى تتكهر قلوبنا من النفاق والحسد .
قال الله تعالى( والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم)
إن طهارة القلوب من أعظم الطهارات ولقد سعى الاسلام الى طهارة البدن وطهارة القلب ، وطهارة القلب أولى من طهارة الابدان ، يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من أتى الله بقلب سليم .
وفي ايامنا هذه انتشرت امراض القلوب بين الناس من غل وحسد وغش وبغضاء ولن يجتمع شمل هذه الامة الا اذا طهرت قلوبها وتماسكت فيما بينها البين،
ولن يؤمن أحدنا حتى يحب لاخيه المسلم ما يحبه لنفسه .
اللهم اجعلنا هداة مهتدين لا ضالين ولا مضلين ، حبب الينا الايمان وزينه في قلوبنا وكره الينا الكفر والفسوق والعصيان ، اجعلنا ياربنا من الراشدين
اللهم اعط قلوبنا تقواها وزكيها انت خير من زكَّاها إنك انت وليَُها ومولاها ، اللهم بلغنا رمضان وارزقنا صيامه وقيامه ايمانا واحتسابا ياذا الجلال والاكرام
اللهم ان ما يجري لاخواننا في فلسطين والعراق والشيشان وكشمير والفلبين وافغانستان لا يخفى عليك يارب العالمين اللهم كن لهم عونا وظهيرا ومؤيدا ونصيرا
اللهم انصر من نصرهم واخذل من خذلهم يارب العالمين ، اللهم انصر المجاهدين في سبيلك الذين يقاتلون من اجل اعلاء كلمة دينك ، الذين يجودون عن الاعراض والمقدسات
اللهم سدد رأيهم ورميهم اللهم اجمع كلمتهم على الحق يارب العالمين, اللهم امِّنا في اوطاننا واصلح ائمتنا وولاة امورنا واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يارب العالمين
اللهم عليك باعداء الملة والدين من النصارى واليهود والشيوعيين والمنافقين ومن شايعهم وعاونهم ياعليم ياخبير ياقوي ياعزيز
ربنا عليك توكلنا واليك انبنا واليك المصير .
عباد الله ان الله يأمر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون ، فاذكروا الله العلي القدير يذكركم
واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله اكبر والله يعلم ما تصنعون.
وصلى الله وسلم على رسولنا الكريم.
صوت الاسلام
مواضيع مماثلة
» (( الجنة تنادي )) للشيخ خالد الراشد
» (( محاسبة النفس )) للشيخ خالد الراشد
» نوادر الشيخ كشك
» توبة الشيخ سعيد بن مسفر
» (( محاسبة النفس )) للشيخ خالد الراشد
» نوادر الشيخ كشك
» توبة الشيخ سعيد بن مسفر
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى