هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الحلّوف يريد حلّوفة

اذهب الى الأسفل

الحلّوف يريد حلّوفة Empty الحلّوف يريد حلّوفة

مُساهمة من طرف سمر الإثنين مارس 19, 2007 4:55 am

الحلّوف يريد حلّوفة


علينا أن نجد حلاً لهذه المشكلة، فقد خرّب الخنزير الأرض الزراعية كلها، وأصبح منفراً لكل أعمال يهدف أصحابها الى القيام بإعادة الاستصلاح·· إنه يجوب الشوارع ذهاباً وعودة·· هكذا علت الأصوات ثم عادت فلا تسمع منها إلا همساً، أو لنقل مونولوجاً داخلياً، ذلك لأن كل فرد منهم تساءل: كيف العمل وهذا خنزير الحاكم·· وبعد طول صمت، اهتدى أحدهم الى فكرة مفادها: تقديم طلب جماعي الى الحاكم في شعار يرفعه أحد المتقدمين، على أن يصحبه كل سكان القرية· وقبل الجميع بالفكرة، وحانت ساعة اللقاء·
تحرك السكان جميعهم·· وجاء الرجال في المقدمة ثم الأطفال وأخيراً النساء وبصوت واحد قالوا جميعاً: أرضنا أرض الغدير·· ترفض فساد الخنزير، وكرروا العبارة السابقة في رحلتهم القريبة من وسط القرية الى حيث قصر الحاكم، وبالرغم من أن الرحلة لم تستغرق وقتاً طويلاً، إلا أن الناس أخذوا في التراجع، ولم يكن حامل الشعار مدركاً لخطورة ما يفعله ذلك لأنه يعبر عن موقف جماعي، والفرد يحتمي بالجماعة، لكن ما العمل حين تضل الجماعة ضلالاً بعيداً·
ها هو حامل الشعار الآن أمام الحاكم، الذي خرج حين علم بقدوم كل سكان القرية، وأحس بأن صوته يأتي منفرداً، فالتفت وراءه، فلم يجد أحداً، أين الناس، لقد ذهبوا، وولوا الأدبار، وكان يتمتع بقدر معلوم من الذكاء، ظهر في إجابته بعد أن أخفى الشعار وراءه، قائلاً: سيدي الحاكم·· لقد ملّ الخنزير الجميل هذه الحياة، وظهر عليه الإحساس بالوحدة، لذلك ألتمس منكم العطف عليه، والاهتمام به·
فقال الحاكم: هل ينقصه شيء، فأجاب ممثل القرية انه يبحث عن أنثى تملأ حياته حباً، وتنفعنا نحن بزيادة الخنازير الصغيرة··
قال الحاكم معلقاً: نعم الرأي، وأنت من اليوم مستشاري الخاص·· وأقيم عرس كبير للخنزير حضره كل سكان القرية ورقصوا حتى الصباح، وبعد ذلك ماتوا جميعاً بمن فيهم الحاكم، لأن الخنازير أفسدت كل الأرض الزراعية في تلك المنطقة النائية·
الخنزير في بعض الدول العربية كما هو الحال في المغرب العربي يسمى الحلوف وأنثاه تسمى حلوفة وجمعه حلاليف، ولا ندري إن كان للقصة السابقة خلفية سياسية في الماضي، لكن الذي أعرفه - ويعرفه القراء أيضاً - إن السائد الآن هو منطق الحلوف يبحث عن حلوفة، وذلك ضمن لغة يومية تستجدي صاحب القوة، بغض النظر عن طبيعة تلك القوة ومدى تأثيرها، وهذا المنطق قد يتبناه المخلصون بعد طول صبر، وبعد شعورهم بالذل في جماعتهم وأقوامهم، ولا شك أن ذلك يعد تراجعاً عن المبادئ والقيم الأخلاقية، ويحمل من الرغبات ما يدفعه لعدم الثبات، لكنه أيضاً نتيجة تنتهي إليها الشعوب حين تراهن على بعض عناصر النخبة·
الحلوف يبحث عن حلوفة هو في منطق السياسة حالة من اللاوعي تستجيب لجاذبية الأرض حين تتفرق الجماعة، أو حين يتراجع القادة عن أدوارهم، وهذه الحالة ليست خاصة بما يحدث في بلداننا، وإنما بما يقع في عدد من دول العالم، ولنا في كثير من القضايا أكثر من مثال حيث تتم الاستجابة - رغباً أو رهباً - لجميع شروط عيش الحلوف وتعمل من أجل توسيع دائرة الفساد بالنسبة للخنازير الجدد، وهذا عمل يسيطر على الإنسان حين يقلد عمل الحيوانات، ثم أليس حكم الله قد قضى في وقت سابق على بعض من البشر بتحويلهم الى قردة وخنازير، فمن ينفي ذلك، فعليه أن يقبل تخطف الطير، وينتظر أن تهوي به الريح في مكان سحيق، وفي سياسة الحلوف يريد حلوفة، الاثنين معاً·


خالد عمر بن ققة
سمر
سمر
عضو ذهبي
عضو ذهبي

عدد الرسائل : 220
تاريخ التسجيل : 08/02/2007

https://samar.1forum.biz

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى