وقفات مع بيان الاخوة في الجيش الاسلامي
وقفات مع بيان الاخوة في الجيش الاسلامي
وقفات مع بيان الأخوة في الجيش الإسلامي
الحمد لله ، وبعد :
فقد رأينا بأسى بيان إخواننا إخوة التوحيد والجهاد في "الجيش الإسلامي" الذي أصدروه في حق إخوانكم في (دولة العراق الإسلامية) وأميرها أبي عمر البغدادي – سدده الله – وهو بيان ساء الكثير من الأخوة والدعاة وطلبة العلم ومناصري الجهاد ، بل والله ما عقلت من صلاة عشاء ذاك اليوم شيئاً بعد أن قرأت البيان ، ولم أستطع النوم ذلك اليوم والله من شدة التفكير في حال إخواننا في العراق نسأل الله أن ينصرهم على عدوهم .
والحق يقال ؛ لم أكن أتصور يوماً أن أنبري بالرد على فصيل من أكبر فصائل الجهاد في العراق ذلك الفصيل الذي تشهد لصدقه وجهاده بياناته وتسجيلاته العظيمة ، ولو لم يكن من جهودها إلا "قناص بغداد" المرعب لكفى ، فكيف وهي تعمل على كافة الأصعدة ، من قتال لمرتدين ، وصفويين حاقدين ، ومحتل كافر .
لكن .. لي مع هذا البيان وقفات ، فأقول وبالله التوفيق :
الوقفة الأولى : سميتم إخوانكم بـ(تنظيم القاعدة) وهو غريب منكم ، إذ هذا الاسم قد أُلغي – وأنتم تعلمون هذا – وارتضوا لأنفسهم (دولة العراق الإسلامية) فمالكم لا تنادون أصحابكم ورفقائكم في الطريق بأحب الأسماء إليهم ، وما موقفكم لو نوديتم بـ(الجيش الوطني) أو (الجيش السروري) ، أو نحوها من الأسماء التي لا ترتضونها ؟
الوقفة الثانية : نص بيانكم أنكم ترجعون "لأهل العلم والحكم" لكنكم خالفتم هذا النهج الحق الذي ارتضيتموه لأنفسكم وأصدرتم بيانكم رغم سكوت أهل العلم ، بأسلوب يبين أنكم لم تشاوروا فيه أهل العلم ، لا في مناسبته ، ولا وقته حيث قلتم "لم نسارع في رد ما اتهمنا به انتظاراً لرد العلماء الربانيين لينصحوهم يبينوا الأخطاء والتجاوزات الشرعية الواردة وخاصة في الخطاب الأخير حتى نضيّع الفرصة على أعدائنا من الأمريكيين والصفويين ومن معهم ، ولتكون نصيحة وبلسماً شافياً للجميع ، ولكن لم يتكلم أئمتنا فكان لابدّ من بيان بعض الأمور حتى لا يظن ظان أن ما ورد من المسائل والتهم صحيح" وظني الحسن بأي عالم صدق وتقوى وورع أن سكوته عما تصفونه من أخطاء وتدّعونه من وقائع هو لعارض عرض ألزمه السكوت ، وأول تلك العوارض كونكم في موقف (المدعي) الزاعم بعض الوقائع والأحداث التي لا يمكن الحكم على مجرد دعواكم ، إذ لو كان الحكم بمجرد الدعوى ؛ لادعى أناس أموال آخرين ودمائهم كما هو نصّ الحديث .
ثم إن دعاواكم تفتقر للبينات ، إذ مجرد صدقكم وجهادكم ليس كافياً في الحكم بالقضية ، والنبي صلى الله عليه وسلم قال "البينة على المدعي واليمين على من أنكر" وهو نص عام شامل لا يستثني أحداً منه ، ولو أخذ الناس بالدعاوى لأدعى الناس دماء بعضهم وأموالهم !
هذا فضلاً عما يتضمنه كلامكم عن أولئك العلماء الذين آثروا السكوت من رمي لهم بالسكوت عن الحق ، وكتمه عند الحاجة ، وهي الدعوى التي يرمى بها الكثير من إخواننا أنهم يقعون في أعراض العلماء ويتهمونهم بكتم الحق والتواطئ على الكذب !
والذي أعلمه من مبررات بعض علماءنا في نجد والحجاز ممن زارهم قادة جيشكم خلال فترة الأشهر الثمانية الماضية وحاولوا استصدار فتوى ضد الأخوة في "دولة العراق الإسلامية" أنكم (أقران) وقد قيل "كلام الأقران يطوى ولا يروى" ، و(مدعون) وفي الأثر "البيّنة على المدعي" ، وأنهم لا يريدون تفريق أهل السنة بتبني فصيل عن آخر ، وهو موقف ينضح حكمة وتؤدة وفهماً للواقع ، وهو مستوى عالٍ من التقوى والورع والتثبت قبل الحكم على الوقائع والأحداث !
الوقفة الثالثة : قولكم "ليس كل كافر يجب قتله" فيه إجمال ، والصواب أن المرتد إذا ثبتت ردته وجب قتله لحديث "من بدّل دينه فاقتلوه" وهو نص صريح في الوجوب – هذا من ناحية أصل الحكم الشرعي - ولا ننكر أنه يقد يؤجل القتل لحكمة كما امتنع النبي صلى الله عليه وسلم قتل بعض المنافقين خشية أن يقال "محمد يقتل أصحابه" ، لكن الكلام في أصل المسألة وجب التفصيل فيها !
الوقفة الرابعة : ما ذكرتموه من حوادث القتل التي تعرض لها أفرادكم ، فهي دعاوى لم تقيموا عليها البينات ، ولا نعلم صدقها وصحتها ، ولو ثبتت فلا يجوز لنا الحكم بمجرد ثبوتها حتى نسمع من خصمكم ونرى مبرره لذلك، وقد بلغتنا أخبار مفادها أن بعض هؤلاء أو كلهم كانوا يشتغلون في أعمال تصنَّف شرعا في خانة موالاة المرتدين والوقوف في صفهم في الحرب والقتال، فهل هذا صحيح؟!
إذن قد يتبيّن عند النظر في القضية أن رجال دولة العراق الإسلامية كانوا محقين محسنين في قتلهم.!
وهذا سابق لأوانه لكن أردت التنبيه على مجرد الدعوى وخطرها، أن كلامكم يشبه عملية تنفير وتشويه فقط.!
وبالجملة : فصدقكم وجهادكم لا يجيز لنا الحكم بغياب خصمكم (دولة العراق الإسلامية) .
الوقفة الخامسة: أنكرتم على أخيكم أبي عمر البغدادي ذكره لقوة (دولته) وعددتم فعله من (التسميع) كما هو ظاهر صنيعكم من سرد أدلة التسميع والنهي عنه ، رغم أنكم قلتم في أول بيانكم "فإننا لم نحرص على إظهار قوة الجماعة وعملياتها ومكاسبها إلا بالقدر الذي فيه نكاية بالعدو بحيث لا يُضيّع علينا المصالح الأخروية الكبرى ، والمصالح الدنيوية المعتبرة" أفلا يكون صنيع أبي عمر البغدادي مبرر كتبريركم بإظهار علمياتكم نكايةً بالعدو !
ولو سلمنا أن فعل أبي عمر تسميع لا يجوز ، فهل يجوز مقابلة الخطأ بالخطأ ، إذ ذكركم لعملياتكم كالقاعدة الذهبية وقاعدة الصقر ، وقواعد الأوكرانيين تسميع ومفاخرة لا تخفى !
على أننا نجد لأبي عمر عذراً ، فهو في سياق ذكر قوته على عدوه الذي يشن حملة شعواء على دولته ، وهي من قبيل "هذه مشية يبغضها الله إلا في هذا الموضع" فالوضع وضع حرب ، يحتاج فيها الرجل إبراز قوته وشجاعته وإثخانه في عدوه ، فضحاً له وطلباً لنصرة الناس وانضمامهم إليه .
والعجب من فهمكم أنه ألغى جهود الآخرين ، فهو لم يتعرض لأحد ، ولم يقل عن الجماعات الجهادية أنها لا تعمل أو لا تثخن في عدوها ، وقصارى الأمر في كلامه أنه يفهم منه "نحن أكثر الجماعات عملاً ، وأشد منها إثخاناً" فهلاً تحليتم بقليل من الإنصاف وحسن الظن بإخوانكم ؟
الوقفة السادسة : فهمتم من كلام أبي عمر أنه اتهمكم بالتآمر مع (يسري فودة) والتعاون مع الموساد ، وهو فهم عجيب .
فأبو عمر البغدادي يتكلم في سياق حرب الأعداء لدولته ومحاولتهم لتدميرها ، ولم يتعرض لكم بذكر أنكم تعاونتم مع الموساد ، بل وصفكم بعد ذكره ذلك الصحفي السيئ بـ(الطيبين) فهل يعقل بمثل أبي عمر – المعدود من المتشددين عقائدياً عند البعض !! – أن يصف المتعاون مع الموساد الإسرائيلي بـ(الطيبين) ؟!
الوقفة السابعة : قياس فعلكم بفعل القاعدة تجاه أحداث سبتمبر ، وتبريركم لأنفسكم بأن القاعدة سبقتكم لذلك محتجين على أبي عمر بفعل من ينتمي إليهم ، وهو قياس مع الفارق .. إذ أحداث سبتمبر أصبحت جزء من التاريخ ، أما في العراق فالحرب ما زالت قائمة ، والعدو يترصد لكم ويحاول تجفيف منابع الدعم الآتية إليكم من كل مكان .
وكون الطريق ليس بخاف على أحد ليس بحجة ، فمثل هذه أسرار مهما كان يغلب على ظننا علم عدونا بها لا يصح أن نفضحها من تلقاء أنفسنا ، ولو أن ذكركم لتلك التفاصيل بعد انتهاء الغزو وانسحاب المحتل لهان الأمر ولجاز قياسه على فعل القاعدة .
على أن فعل القاعدة ليس بحجة ، وكونه لم يذكر ذلك الفعل ولم يخطأه لا يعني إقراره لها ، فالحال لا علاقة لها بقاعدة أفغانستان إذ هو عراقي يتكلم عن بلده ونوازلها ، ولا أحد يلزمه أن يتحدث ويبيّن رأيه في كل شيء !
الوقفة الثامنة : زعمتم أن البغدادي كان يقصدكم بقوله (حزب الله السعودي) ، وهو عجيب ، فقد رجعت إلى الخطاب وسمعته كلمة كلمة ، لم أجد فيه نصاً منه باسمكم ، ولا بصفة تميزكم لكي يقال أنه يريدكم بكلامه ، وأظن أنكم اعتمدتم على تفسيرات بعض من يناصر الدولة في الساحات الحوارية – إذ حصل أن فُسرت بذلك – وهذا لا يصح أن يجعل دليلاً على قصده .
على أني انتقده في عدم تصريحه بمراده ، خاصة وقد خاض فيها الناس مخمنين ، لكن ربما أراد من ذلك تحذير أولئك من مغبة الدخول في هذه المتاهات وهذا المستنقع النتن .
الوقفة التاسعة : ذكرتم أن الأخ الأمير أبي عمر تجنى على الأمة جميعاً وعلى منهج السلف وعلى علمائها بإيراد أحكام وقضايا عجيبة ، وسردتم في ذلك عدد من المسائل منها :
المسألة الأولى : اعتباره ديار الإسلام جميعاً ديار كفر ، وهو عجيب منكم إذ المسألة فيها خلاف ، وهو فيها مسبوق بكلام جملة من أهل العلم منهم الشيخ العالم مفتي الديار النجدية محمد بن إبراهيم - رحمه الله - حين أفتى أن الدار التي تحكم بالقانون دار كفر يجب الهجرة منها (فتاواه 6/188) ، وقبله أئمة الدعوة النجدية كالشيخ حمد بن عتيق (مجموعة الرسائل والمسائل 1/742 ، والدرر السنية 9/257) ، ومفتى نجد في وقته العلاّمة عبد الله أبا بطين (مجموع الرسائل والمسائل 1/655) ، وقبلهم الشوكاني حين قال "والاعتبار بظهور الكلمة ، فإن كانت الأوامر والنواهي في الدار لأهل الإسلام بحيث لا يستطيع من فيها من الكفار أن يتظاهر بكفره إلا لكونه مأذوناً له بذلك من أهل الإسلام فهذه دار إسلام .... وإذا كان الأمر بالعكس فالدار بالعكس" (السيل الجرار 3/575) ، ونُقل أيضاً عمن قبله كصاحبي أبي حنيفة وأيدهم فيها ابن عابدين وقال "وهو القياس" (حاشية ابن عابدين 3/390) .
قال الشيخ عبد الله أحمد القادري في كتابه "الجهاد في سبيل الله" صـ1/604 "وخلاصة الكلام أن دار الإسلام هي الدار التي يظهر فيها حكم الله ويختفي فيها كم الكفر ، وأن دار الكفر هي التي يظهر فيها حكم الكفر ويختفي فيها حكم الإسلام ... هذا ما سجّله فقهاء الإسلام في كتبهم ... ولا يهولن القارئ أن هذه القاعدة تنطبق على بلدان غلب سكانها مسلمون يقيمون شعائر دينهم التي أذن لهم فيها بإقامتها حكامهم المحاربون لله ولرسوله وللمؤمنين فإن العبرة ليست بكثرة من ينتسب إلى الإسلام وإنما هي بمن يطبق امها ويظهرها وينصرها" أنتهى كلامه .
المسألة الثانية : قوله أن قتال جيوش الحكومات العربية أوجب من قتال المحتل الصليبي ، وكم أتمنى لو أنكم عرضتم عقيدتكم في من أسميتموهم في منهاجكم المنشور بـ(جند الطاغوت) واعتباركم لهم طائفة كفر .. وعموماً فإن مثل قول أبي عمر مقبول على وفق عقيدة السلف – بغض النظر عن صحة تكفير جيوش الحكومات الطاغوتية أو خطأه – فإن المرتد (ورأي أبي عمر أنهم مرتدون) أشد من الكافر الأصلي ، وقتاله أوجب لحديث النبي صلى الله عليه وسلم "من بدّل دينه فاقتلوه" ، ثم إن المرتد أشد خطراً على دولة الإسلام من الكافر الأصلي الغازي خاصة إذا كان ذلك المرتد ممن يتظاهر بالصلاة والعبادة فيشتد خطره أكثر ، ويكون القضاء عليه أولى من البداية بقتال الغازي ؛ تصفية للصف من أي شيء يعوق قتال الغازي أو يطعن ظهر دولة الإسلام في أوج انشغالها بالعدو الغازي .
المسألة الثالثة : انتقادكم لرأيه أن الجهاد فرض عين ، وهو انتقاد عجيب وعد القائل به متجني على منهج سلف الأمة فيه تجني واضح وتشدد في مسائل خلافية وعدها من منهاج السلف ، وطعن ظاهر بمن قال مثل هذا القول ، وهو مسبوق بمثل الشيخ العلاّمة المجاهد عبد الله عزام – رحمه الله – الذي ألّف في ذلك رسالته المشهورة (الدفاع عن بلاد المسلمين أهم فروض الأعيان) ، وكذلك شيخنا الشيخ العلاّمة عبد العزيز بن باز – رحمه الله – لما أفتى في الجهاد الأفغاني بفرضيته في ذلك الحين ، رغم أن في رأيه تناقض ظاهر حين شرط فيه إذن الوالدين ، وحصل بينه بين الشيخ عزام نقاش معروف في ذلك ، ومثل هذا الرأي نقل عن شيخنا الشيخ حمود بن عقلا الشعيبي .
وعلى فرض أن القول بفرضية العين خطأ ، وأن الصواب الذي لا شك فيه أنه (فرض على الكفاية) فإن ضابط الفرض الكفائي : أن تحصل الكفاية (والكفاية في مثل حالكم في العراق هو ارتفاع المحتل وخروجه من البلد) ، فإن لم تحصل أثم الجميع وأصبح بذلك فرض عين على الأمة حتى يرتفع العدو .. فهل التجني على منهج السلف إلا في قولكم هذا ؟!!!
المسألة الرابعة : الحكم على طوائف أهل البلاد أنهم أهل حرب لا ذمة لهم !
والحق في هذه المسألة معه ، إذ هم نقضوا الشروط العمرية التي أخذت على أسلافهم ، وسبقه بمثل هذا الرأي الشيخ العلاّمة ابن قيّم الجوزية في كتابه العظيم (أحكام أهل الذمة) صـ3/1234 "القول الثاني : لا يشترط ذلك – أي لا يشترط في اعتبار نقض العهد بشرط إمام العصر – بل يكفي شرط عمر رضي الله عنه ، وهو مستمر عليهم أبداً قرناً بعد قرن .. وهذا هو الصحيح الذي عليه العمل من أقوال أئمة الإسلام" .
فأين التجني من أبي عمر على منهج سلف الأمة وعلمائها ؟!!
الوقفة العاشرة : ما ذكرتموه باستدلاله بحديث ضعيف ، فأذكركم أنه قد رواه بصيغة التمريض (رُوى) وهي صيغة معروفة في الدلالة على الضعف في الحديث !
الوقفة الحادية عشر : قولكم أنه "اتهم الجماعات بالانخراط القوي والانضمام إلى خنجر ثلاثي الرؤوس ... وهم (ج) طائفة من الحساد" فهو عجيب منكم ، فأنتم قلتكم أنه اهتم (الجماعات) فلم يستثن منها أحد ، وفي قوله لم يتهم الكل ، بل قال (طائفة) ، وفرق بين اللفظين !
الوقفة الثانية عشر : زعمكم أنهم هددوا بعض أفراد جماعتكم بالقتل إن لم يبايعوا القاعدة .
والأولى أن تقولو (إن لم يبايعوا الدولة) فالقاعدة كما ذكرنا سابقاً أسم أصبح من تاريخ العراق ، ولهم دولة – هي عند أنفسهم على الأقل – قائمة ، ويحبون أن ينادون بذلك .
ثم إن هذا الكلام يخالف ما يعلنه التنظيم على لسان قادته كأبي عمر ، وأبي حمزة المهاجر ، فقد قال الشيخ أبي عمر – سدده الله – "وقد رمانا الناس بأكاذيب كثيرة لا أصل لها في عقيدتنا فادعوا أننا نكفر عوام المسلمين ونستحل دمائهم وأموالهم ونجبر الناس على الدخول في دولتنا بالسيف" ، ووجه أتباعه من أفراد الدولة قائلاً "أقول لإخواني جنود دولة الإسلام اتقوا الله في إخوانكم المجاهدين فلا يسمعوا منكم إلا طيباً ولا يروا منكم إلا خيراً" .
وقد زودني شيخ فاضل معروف برسالة وصلته من مساعد كبير لأمير المؤمنين أبي عمر البغدادي يقول فيها "أما قولهم إننا نجبر الناس ونُكرههم على أربعة أشياء : الانضمام للدولة، أو تسليم السلاح، أو الخروج، أو القتل، فهذا أولاً اعتراف ضمني منهم بقوّة الدولة وسيطرتها، وأنّهم لا حيلة لهم بغيرها ومعها.
ثم نحن نفصل أعضاءً من الدولة إذا خالفوا، فكيف بنا أن نُكِره غيرهم للانضمام؟!، هذا والله ما كان قط، ولن يكون بإذن الله .
نعم بعض الأماكن التي لنا فيها سيطرة عالية والناس لا تعرف إلا نحن ، يخرجون بسلاح ظاهر فيسيئون للعامة أو يأخذون جاسوساً فيقتلونه ، أو شخصاً سنّيّاً فيفدونه بمال ، فمباشرة يُوجّه الاتهام إلينا ، لأن الناس لا يعرفون غيرنا ، فحينئذ نمنعهم من الخروج المسلح الظاهر ، والعمل ضدّ المرتدّين خصوصاً إلا بعد استئذاننا ، كذلك مثلاً يكون لهم في مكان ما خمسة أشخاص ولنا العشرات بل المئات ثم يأتون هؤلاء الخمسة إلى مكان قريب من تجمّع الإخوة ، وإخواننا لا يدرون ، من حُسْن الظن ، فيطلقون صاروخاً أو ينصبون عبوة ، ممّا يؤدي إلى حصار للمكان سريعاً ومفاجئاً ، واعتقال عدد من الإخوة ، فهل بالله عليكم لا يُمنع هؤلاء من هكذا أعمال ؟ إلا بالاستئذان ، فنحن لم نمنعهم بالكليّة ، فقط عليهم الاستئذان حتى نأخذ حذرنا . أما القتل لمن لم يدخل أو غيره من المسلمين ، فأيضاً حسبنا الله ونعم الوكيل، الله ينتقم من الكاذب في الدنيا والآخرة إن شاء الله"
انتهت المقطع المراد ، والله على ما أقول شهيد .
الوقفة الثالثة عشر : استنكاركم تضمين تحريم الستلايت (الدش) ، وإيجاب الحجاب في خطاب (الثوابت) ، وهو أمر لا ينبغي تضمينه في بيانكم الذي جعلتموه كاشفاً عن أخطاء التنظيم وتجاوزاته ، فمثل هذه المسألة تختلف فيها النظرة ، وإيجاد المبرر والعذر سهل وواسع ..
ثم إنه في إيجابه للحجاب تكلم عن أصل المسألة عنده ورأيه فيها ، ولم يتعرض لما يقترن بهذه المسألة من ضرورات قد تبيح كشف الوجه كمثل ما ذكرتموه من حال بعض الأخوات ، وكلامه أيضاً هو فيما يتعلق بسلطانه ، وماله سلطة فيه .
والشيخ أبو عمر أمير له الحق بإلزام جماعته ، ورعيته الداخلة في سلطانه بقول من الأقوال المختلفة كحقكم في إلزام جماعتكم بقول حين يختلف العلماء حيث قلتكم في بيانكم هذا "وأي مسألة يرد فيها أكثر من قول معتبر لأهل العلم فإن الجماعة تتبنى ما ترجح عندها ويصبح هذا القول ملزماً للجماعة وتعذر من خالفها خلافاً سائعاً" .
وعلى العموم .. فإننا وإن رأينا عدم إعلان هذا وتضمينه خطاب الثوابت سياسة فإن المسألة لا تستحق أن تجعل من دلائل تجني أبي عمر على منهج سلف الأمة وعلمائها !
وأما ما يتعلق بالستالايت (الدش) فإن أمر تحريمه متوجه وله أكثر من وجه : فعند من يحرم الصور بلا تفريق بين الفوتغرافي والفيديو القول بالتحريم سائر على أصوله ، وعند القول بجواز التصويري الفيديوي فإن تحريمه متوجه أيضاً من باب "درء المفاسد مقدم على جلب المصالح" والستالايت لا يخفاكم فساده وإفساده ، وما فيه من مواد لا يمكننا التحكم بما يعرض منها وما يحجب على العامة ، ففيه قنوات الكفر (كقنوات السحر والشعوذة) ، وقنوات الإباحية والمجون العربية والغربية ، وفيه قنوات حملت على عاتقها تشويه صورة المجاهدين الصادقين أمثالكم وإخوانكم في دولة العراق .. فالقول بالتحريم متوجه ولا شك !
الوقفة الرابعة عشر : وجهتم نداء إلى العلماء بتدارك المشروع الجهادي بإصدار الفتاوى في المسائل الهامة والنوازل بعد معرفة الواقع على حقيقته ، وهو تقييد منكم موفق ، إذ الحكم على الشيء فرع عن تصوره . وليتكم عذرتم من سكت من إخوانكم العلماء عما زعمتموه تجاوزات من القاعدة وتجني منها على منهج السلف وعلماء الأمة ، فعذرهم عدم معرفتهم للواقع ، وعدم السماع من خصمكم .. أفلا تعدلون ؟!
فقد رأينا بأسى بيان إخواننا إخوة التوحيد والجهاد في "الجيش الإسلامي" الذي أصدروه في حق إخوانكم في (دولة العراق الإسلامية) وأميرها أبي عمر البغدادي – سدده الله – وهو بيان ساء الكثير من الأخوة والدعاة وطلبة العلم ومناصري الجهاد ، بل والله ما عقلت من صلاة عشاء ذاك اليوم شيئاً بعد أن قرأت البيان ، ولم أستطع النوم ذلك اليوم والله من شدة التفكير في حال إخواننا في العراق نسأل الله أن ينصرهم على عدوهم .
والحق يقال ؛ لم أكن أتصور يوماً أن أنبري بالرد على فصيل من أكبر فصائل الجهاد في العراق ذلك الفصيل الذي تشهد لصدقه وجهاده بياناته وتسجيلاته العظيمة ، ولو لم يكن من جهودها إلا "قناص بغداد" المرعب لكفى ، فكيف وهي تعمل على كافة الأصعدة ، من قتال لمرتدين ، وصفويين حاقدين ، ومحتل كافر .
لكن .. لي مع هذا البيان وقفات ، فأقول وبالله التوفيق :
الوقفة الأولى : سميتم إخوانكم بـ(تنظيم القاعدة) وهو غريب منكم ، إذ هذا الاسم قد أُلغي – وأنتم تعلمون هذا – وارتضوا لأنفسهم (دولة العراق الإسلامية) فمالكم لا تنادون أصحابكم ورفقائكم في الطريق بأحب الأسماء إليهم ، وما موقفكم لو نوديتم بـ(الجيش الوطني) أو (الجيش السروري) ، أو نحوها من الأسماء التي لا ترتضونها ؟
الوقفة الثانية : نص بيانكم أنكم ترجعون "لأهل العلم والحكم" لكنكم خالفتم هذا النهج الحق الذي ارتضيتموه لأنفسكم وأصدرتم بيانكم رغم سكوت أهل العلم ، بأسلوب يبين أنكم لم تشاوروا فيه أهل العلم ، لا في مناسبته ، ولا وقته حيث قلتم "لم نسارع في رد ما اتهمنا به انتظاراً لرد العلماء الربانيين لينصحوهم يبينوا الأخطاء والتجاوزات الشرعية الواردة وخاصة في الخطاب الأخير حتى نضيّع الفرصة على أعدائنا من الأمريكيين والصفويين ومن معهم ، ولتكون نصيحة وبلسماً شافياً للجميع ، ولكن لم يتكلم أئمتنا فكان لابدّ من بيان بعض الأمور حتى لا يظن ظان أن ما ورد من المسائل والتهم صحيح" وظني الحسن بأي عالم صدق وتقوى وورع أن سكوته عما تصفونه من أخطاء وتدّعونه من وقائع هو لعارض عرض ألزمه السكوت ، وأول تلك العوارض كونكم في موقف (المدعي) الزاعم بعض الوقائع والأحداث التي لا يمكن الحكم على مجرد دعواكم ، إذ لو كان الحكم بمجرد الدعوى ؛ لادعى أناس أموال آخرين ودمائهم كما هو نصّ الحديث .
ثم إن دعاواكم تفتقر للبينات ، إذ مجرد صدقكم وجهادكم ليس كافياً في الحكم بالقضية ، والنبي صلى الله عليه وسلم قال "البينة على المدعي واليمين على من أنكر" وهو نص عام شامل لا يستثني أحداً منه ، ولو أخذ الناس بالدعاوى لأدعى الناس دماء بعضهم وأموالهم !
هذا فضلاً عما يتضمنه كلامكم عن أولئك العلماء الذين آثروا السكوت من رمي لهم بالسكوت عن الحق ، وكتمه عند الحاجة ، وهي الدعوى التي يرمى بها الكثير من إخواننا أنهم يقعون في أعراض العلماء ويتهمونهم بكتم الحق والتواطئ على الكذب !
والذي أعلمه من مبررات بعض علماءنا في نجد والحجاز ممن زارهم قادة جيشكم خلال فترة الأشهر الثمانية الماضية وحاولوا استصدار فتوى ضد الأخوة في "دولة العراق الإسلامية" أنكم (أقران) وقد قيل "كلام الأقران يطوى ولا يروى" ، و(مدعون) وفي الأثر "البيّنة على المدعي" ، وأنهم لا يريدون تفريق أهل السنة بتبني فصيل عن آخر ، وهو موقف ينضح حكمة وتؤدة وفهماً للواقع ، وهو مستوى عالٍ من التقوى والورع والتثبت قبل الحكم على الوقائع والأحداث !
الوقفة الثالثة : قولكم "ليس كل كافر يجب قتله" فيه إجمال ، والصواب أن المرتد إذا ثبتت ردته وجب قتله لحديث "من بدّل دينه فاقتلوه" وهو نص صريح في الوجوب – هذا من ناحية أصل الحكم الشرعي - ولا ننكر أنه يقد يؤجل القتل لحكمة كما امتنع النبي صلى الله عليه وسلم قتل بعض المنافقين خشية أن يقال "محمد يقتل أصحابه" ، لكن الكلام في أصل المسألة وجب التفصيل فيها !
الوقفة الرابعة : ما ذكرتموه من حوادث القتل التي تعرض لها أفرادكم ، فهي دعاوى لم تقيموا عليها البينات ، ولا نعلم صدقها وصحتها ، ولو ثبتت فلا يجوز لنا الحكم بمجرد ثبوتها حتى نسمع من خصمكم ونرى مبرره لذلك، وقد بلغتنا أخبار مفادها أن بعض هؤلاء أو كلهم كانوا يشتغلون في أعمال تصنَّف شرعا في خانة موالاة المرتدين والوقوف في صفهم في الحرب والقتال، فهل هذا صحيح؟!
إذن قد يتبيّن عند النظر في القضية أن رجال دولة العراق الإسلامية كانوا محقين محسنين في قتلهم.!
وهذا سابق لأوانه لكن أردت التنبيه على مجرد الدعوى وخطرها، أن كلامكم يشبه عملية تنفير وتشويه فقط.!
وبالجملة : فصدقكم وجهادكم لا يجيز لنا الحكم بغياب خصمكم (دولة العراق الإسلامية) .
الوقفة الخامسة: أنكرتم على أخيكم أبي عمر البغدادي ذكره لقوة (دولته) وعددتم فعله من (التسميع) كما هو ظاهر صنيعكم من سرد أدلة التسميع والنهي عنه ، رغم أنكم قلتم في أول بيانكم "فإننا لم نحرص على إظهار قوة الجماعة وعملياتها ومكاسبها إلا بالقدر الذي فيه نكاية بالعدو بحيث لا يُضيّع علينا المصالح الأخروية الكبرى ، والمصالح الدنيوية المعتبرة" أفلا يكون صنيع أبي عمر البغدادي مبرر كتبريركم بإظهار علمياتكم نكايةً بالعدو !
ولو سلمنا أن فعل أبي عمر تسميع لا يجوز ، فهل يجوز مقابلة الخطأ بالخطأ ، إذ ذكركم لعملياتكم كالقاعدة الذهبية وقاعدة الصقر ، وقواعد الأوكرانيين تسميع ومفاخرة لا تخفى !
على أننا نجد لأبي عمر عذراً ، فهو في سياق ذكر قوته على عدوه الذي يشن حملة شعواء على دولته ، وهي من قبيل "هذه مشية يبغضها الله إلا في هذا الموضع" فالوضع وضع حرب ، يحتاج فيها الرجل إبراز قوته وشجاعته وإثخانه في عدوه ، فضحاً له وطلباً لنصرة الناس وانضمامهم إليه .
والعجب من فهمكم أنه ألغى جهود الآخرين ، فهو لم يتعرض لأحد ، ولم يقل عن الجماعات الجهادية أنها لا تعمل أو لا تثخن في عدوها ، وقصارى الأمر في كلامه أنه يفهم منه "نحن أكثر الجماعات عملاً ، وأشد منها إثخاناً" فهلاً تحليتم بقليل من الإنصاف وحسن الظن بإخوانكم ؟
الوقفة السادسة : فهمتم من كلام أبي عمر أنه اتهمكم بالتآمر مع (يسري فودة) والتعاون مع الموساد ، وهو فهم عجيب .
فأبو عمر البغدادي يتكلم في سياق حرب الأعداء لدولته ومحاولتهم لتدميرها ، ولم يتعرض لكم بذكر أنكم تعاونتم مع الموساد ، بل وصفكم بعد ذكره ذلك الصحفي السيئ بـ(الطيبين) فهل يعقل بمثل أبي عمر – المعدود من المتشددين عقائدياً عند البعض !! – أن يصف المتعاون مع الموساد الإسرائيلي بـ(الطيبين) ؟!
الوقفة السابعة : قياس فعلكم بفعل القاعدة تجاه أحداث سبتمبر ، وتبريركم لأنفسكم بأن القاعدة سبقتكم لذلك محتجين على أبي عمر بفعل من ينتمي إليهم ، وهو قياس مع الفارق .. إذ أحداث سبتمبر أصبحت جزء من التاريخ ، أما في العراق فالحرب ما زالت قائمة ، والعدو يترصد لكم ويحاول تجفيف منابع الدعم الآتية إليكم من كل مكان .
وكون الطريق ليس بخاف على أحد ليس بحجة ، فمثل هذه أسرار مهما كان يغلب على ظننا علم عدونا بها لا يصح أن نفضحها من تلقاء أنفسنا ، ولو أن ذكركم لتلك التفاصيل بعد انتهاء الغزو وانسحاب المحتل لهان الأمر ولجاز قياسه على فعل القاعدة .
على أن فعل القاعدة ليس بحجة ، وكونه لم يذكر ذلك الفعل ولم يخطأه لا يعني إقراره لها ، فالحال لا علاقة لها بقاعدة أفغانستان إذ هو عراقي يتكلم عن بلده ونوازلها ، ولا أحد يلزمه أن يتحدث ويبيّن رأيه في كل شيء !
الوقفة الثامنة : زعمتم أن البغدادي كان يقصدكم بقوله (حزب الله السعودي) ، وهو عجيب ، فقد رجعت إلى الخطاب وسمعته كلمة كلمة ، لم أجد فيه نصاً منه باسمكم ، ولا بصفة تميزكم لكي يقال أنه يريدكم بكلامه ، وأظن أنكم اعتمدتم على تفسيرات بعض من يناصر الدولة في الساحات الحوارية – إذ حصل أن فُسرت بذلك – وهذا لا يصح أن يجعل دليلاً على قصده .
على أني انتقده في عدم تصريحه بمراده ، خاصة وقد خاض فيها الناس مخمنين ، لكن ربما أراد من ذلك تحذير أولئك من مغبة الدخول في هذه المتاهات وهذا المستنقع النتن .
الوقفة التاسعة : ذكرتم أن الأخ الأمير أبي عمر تجنى على الأمة جميعاً وعلى منهج السلف وعلى علمائها بإيراد أحكام وقضايا عجيبة ، وسردتم في ذلك عدد من المسائل منها :
المسألة الأولى : اعتباره ديار الإسلام جميعاً ديار كفر ، وهو عجيب منكم إذ المسألة فيها خلاف ، وهو فيها مسبوق بكلام جملة من أهل العلم منهم الشيخ العالم مفتي الديار النجدية محمد بن إبراهيم - رحمه الله - حين أفتى أن الدار التي تحكم بالقانون دار كفر يجب الهجرة منها (فتاواه 6/188) ، وقبله أئمة الدعوة النجدية كالشيخ حمد بن عتيق (مجموعة الرسائل والمسائل 1/742 ، والدرر السنية 9/257) ، ومفتى نجد في وقته العلاّمة عبد الله أبا بطين (مجموع الرسائل والمسائل 1/655) ، وقبلهم الشوكاني حين قال "والاعتبار بظهور الكلمة ، فإن كانت الأوامر والنواهي في الدار لأهل الإسلام بحيث لا يستطيع من فيها من الكفار أن يتظاهر بكفره إلا لكونه مأذوناً له بذلك من أهل الإسلام فهذه دار إسلام .... وإذا كان الأمر بالعكس فالدار بالعكس" (السيل الجرار 3/575) ، ونُقل أيضاً عمن قبله كصاحبي أبي حنيفة وأيدهم فيها ابن عابدين وقال "وهو القياس" (حاشية ابن عابدين 3/390) .
قال الشيخ عبد الله أحمد القادري في كتابه "الجهاد في سبيل الله" صـ1/604 "وخلاصة الكلام أن دار الإسلام هي الدار التي يظهر فيها حكم الله ويختفي فيها كم الكفر ، وأن دار الكفر هي التي يظهر فيها حكم الكفر ويختفي فيها حكم الإسلام ... هذا ما سجّله فقهاء الإسلام في كتبهم ... ولا يهولن القارئ أن هذه القاعدة تنطبق على بلدان غلب سكانها مسلمون يقيمون شعائر دينهم التي أذن لهم فيها بإقامتها حكامهم المحاربون لله ولرسوله وللمؤمنين فإن العبرة ليست بكثرة من ينتسب إلى الإسلام وإنما هي بمن يطبق امها ويظهرها وينصرها" أنتهى كلامه .
المسألة الثانية : قوله أن قتال جيوش الحكومات العربية أوجب من قتال المحتل الصليبي ، وكم أتمنى لو أنكم عرضتم عقيدتكم في من أسميتموهم في منهاجكم المنشور بـ(جند الطاغوت) واعتباركم لهم طائفة كفر .. وعموماً فإن مثل قول أبي عمر مقبول على وفق عقيدة السلف – بغض النظر عن صحة تكفير جيوش الحكومات الطاغوتية أو خطأه – فإن المرتد (ورأي أبي عمر أنهم مرتدون) أشد من الكافر الأصلي ، وقتاله أوجب لحديث النبي صلى الله عليه وسلم "من بدّل دينه فاقتلوه" ، ثم إن المرتد أشد خطراً على دولة الإسلام من الكافر الأصلي الغازي خاصة إذا كان ذلك المرتد ممن يتظاهر بالصلاة والعبادة فيشتد خطره أكثر ، ويكون القضاء عليه أولى من البداية بقتال الغازي ؛ تصفية للصف من أي شيء يعوق قتال الغازي أو يطعن ظهر دولة الإسلام في أوج انشغالها بالعدو الغازي .
المسألة الثالثة : انتقادكم لرأيه أن الجهاد فرض عين ، وهو انتقاد عجيب وعد القائل به متجني على منهج سلف الأمة فيه تجني واضح وتشدد في مسائل خلافية وعدها من منهاج السلف ، وطعن ظاهر بمن قال مثل هذا القول ، وهو مسبوق بمثل الشيخ العلاّمة المجاهد عبد الله عزام – رحمه الله – الذي ألّف في ذلك رسالته المشهورة (الدفاع عن بلاد المسلمين أهم فروض الأعيان) ، وكذلك شيخنا الشيخ العلاّمة عبد العزيز بن باز – رحمه الله – لما أفتى في الجهاد الأفغاني بفرضيته في ذلك الحين ، رغم أن في رأيه تناقض ظاهر حين شرط فيه إذن الوالدين ، وحصل بينه بين الشيخ عزام نقاش معروف في ذلك ، ومثل هذا الرأي نقل عن شيخنا الشيخ حمود بن عقلا الشعيبي .
وعلى فرض أن القول بفرضية العين خطأ ، وأن الصواب الذي لا شك فيه أنه (فرض على الكفاية) فإن ضابط الفرض الكفائي : أن تحصل الكفاية (والكفاية في مثل حالكم في العراق هو ارتفاع المحتل وخروجه من البلد) ، فإن لم تحصل أثم الجميع وأصبح بذلك فرض عين على الأمة حتى يرتفع العدو .. فهل التجني على منهج السلف إلا في قولكم هذا ؟!!!
المسألة الرابعة : الحكم على طوائف أهل البلاد أنهم أهل حرب لا ذمة لهم !
والحق في هذه المسألة معه ، إذ هم نقضوا الشروط العمرية التي أخذت على أسلافهم ، وسبقه بمثل هذا الرأي الشيخ العلاّمة ابن قيّم الجوزية في كتابه العظيم (أحكام أهل الذمة) صـ3/1234 "القول الثاني : لا يشترط ذلك – أي لا يشترط في اعتبار نقض العهد بشرط إمام العصر – بل يكفي شرط عمر رضي الله عنه ، وهو مستمر عليهم أبداً قرناً بعد قرن .. وهذا هو الصحيح الذي عليه العمل من أقوال أئمة الإسلام" .
فأين التجني من أبي عمر على منهج سلف الأمة وعلمائها ؟!!
الوقفة العاشرة : ما ذكرتموه باستدلاله بحديث ضعيف ، فأذكركم أنه قد رواه بصيغة التمريض (رُوى) وهي صيغة معروفة في الدلالة على الضعف في الحديث !
الوقفة الحادية عشر : قولكم أنه "اتهم الجماعات بالانخراط القوي والانضمام إلى خنجر ثلاثي الرؤوس ... وهم (ج) طائفة من الحساد" فهو عجيب منكم ، فأنتم قلتكم أنه اهتم (الجماعات) فلم يستثن منها أحد ، وفي قوله لم يتهم الكل ، بل قال (طائفة) ، وفرق بين اللفظين !
الوقفة الثانية عشر : زعمكم أنهم هددوا بعض أفراد جماعتكم بالقتل إن لم يبايعوا القاعدة .
والأولى أن تقولو (إن لم يبايعوا الدولة) فالقاعدة كما ذكرنا سابقاً أسم أصبح من تاريخ العراق ، ولهم دولة – هي عند أنفسهم على الأقل – قائمة ، ويحبون أن ينادون بذلك .
ثم إن هذا الكلام يخالف ما يعلنه التنظيم على لسان قادته كأبي عمر ، وأبي حمزة المهاجر ، فقد قال الشيخ أبي عمر – سدده الله – "وقد رمانا الناس بأكاذيب كثيرة لا أصل لها في عقيدتنا فادعوا أننا نكفر عوام المسلمين ونستحل دمائهم وأموالهم ونجبر الناس على الدخول في دولتنا بالسيف" ، ووجه أتباعه من أفراد الدولة قائلاً "أقول لإخواني جنود دولة الإسلام اتقوا الله في إخوانكم المجاهدين فلا يسمعوا منكم إلا طيباً ولا يروا منكم إلا خيراً" .
وقد زودني شيخ فاضل معروف برسالة وصلته من مساعد كبير لأمير المؤمنين أبي عمر البغدادي يقول فيها "أما قولهم إننا نجبر الناس ونُكرههم على أربعة أشياء : الانضمام للدولة، أو تسليم السلاح، أو الخروج، أو القتل، فهذا أولاً اعتراف ضمني منهم بقوّة الدولة وسيطرتها، وأنّهم لا حيلة لهم بغيرها ومعها.
ثم نحن نفصل أعضاءً من الدولة إذا خالفوا، فكيف بنا أن نُكِره غيرهم للانضمام؟!، هذا والله ما كان قط، ولن يكون بإذن الله .
نعم بعض الأماكن التي لنا فيها سيطرة عالية والناس لا تعرف إلا نحن ، يخرجون بسلاح ظاهر فيسيئون للعامة أو يأخذون جاسوساً فيقتلونه ، أو شخصاً سنّيّاً فيفدونه بمال ، فمباشرة يُوجّه الاتهام إلينا ، لأن الناس لا يعرفون غيرنا ، فحينئذ نمنعهم من الخروج المسلح الظاهر ، والعمل ضدّ المرتدّين خصوصاً إلا بعد استئذاننا ، كذلك مثلاً يكون لهم في مكان ما خمسة أشخاص ولنا العشرات بل المئات ثم يأتون هؤلاء الخمسة إلى مكان قريب من تجمّع الإخوة ، وإخواننا لا يدرون ، من حُسْن الظن ، فيطلقون صاروخاً أو ينصبون عبوة ، ممّا يؤدي إلى حصار للمكان سريعاً ومفاجئاً ، واعتقال عدد من الإخوة ، فهل بالله عليكم لا يُمنع هؤلاء من هكذا أعمال ؟ إلا بالاستئذان ، فنحن لم نمنعهم بالكليّة ، فقط عليهم الاستئذان حتى نأخذ حذرنا . أما القتل لمن لم يدخل أو غيره من المسلمين ، فأيضاً حسبنا الله ونعم الوكيل، الله ينتقم من الكاذب في الدنيا والآخرة إن شاء الله"
انتهت المقطع المراد ، والله على ما أقول شهيد .
الوقفة الثالثة عشر : استنكاركم تضمين تحريم الستلايت (الدش) ، وإيجاب الحجاب في خطاب (الثوابت) ، وهو أمر لا ينبغي تضمينه في بيانكم الذي جعلتموه كاشفاً عن أخطاء التنظيم وتجاوزاته ، فمثل هذه المسألة تختلف فيها النظرة ، وإيجاد المبرر والعذر سهل وواسع ..
ثم إنه في إيجابه للحجاب تكلم عن أصل المسألة عنده ورأيه فيها ، ولم يتعرض لما يقترن بهذه المسألة من ضرورات قد تبيح كشف الوجه كمثل ما ذكرتموه من حال بعض الأخوات ، وكلامه أيضاً هو فيما يتعلق بسلطانه ، وماله سلطة فيه .
والشيخ أبو عمر أمير له الحق بإلزام جماعته ، ورعيته الداخلة في سلطانه بقول من الأقوال المختلفة كحقكم في إلزام جماعتكم بقول حين يختلف العلماء حيث قلتكم في بيانكم هذا "وأي مسألة يرد فيها أكثر من قول معتبر لأهل العلم فإن الجماعة تتبنى ما ترجح عندها ويصبح هذا القول ملزماً للجماعة وتعذر من خالفها خلافاً سائعاً" .
وعلى العموم .. فإننا وإن رأينا عدم إعلان هذا وتضمينه خطاب الثوابت سياسة فإن المسألة لا تستحق أن تجعل من دلائل تجني أبي عمر على منهج سلف الأمة وعلمائها !
وأما ما يتعلق بالستالايت (الدش) فإن أمر تحريمه متوجه وله أكثر من وجه : فعند من يحرم الصور بلا تفريق بين الفوتغرافي والفيديو القول بالتحريم سائر على أصوله ، وعند القول بجواز التصويري الفيديوي فإن تحريمه متوجه أيضاً من باب "درء المفاسد مقدم على جلب المصالح" والستالايت لا يخفاكم فساده وإفساده ، وما فيه من مواد لا يمكننا التحكم بما يعرض منها وما يحجب على العامة ، ففيه قنوات الكفر (كقنوات السحر والشعوذة) ، وقنوات الإباحية والمجون العربية والغربية ، وفيه قنوات حملت على عاتقها تشويه صورة المجاهدين الصادقين أمثالكم وإخوانكم في دولة العراق .. فالقول بالتحريم متوجه ولا شك !
الوقفة الرابعة عشر : وجهتم نداء إلى العلماء بتدارك المشروع الجهادي بإصدار الفتاوى في المسائل الهامة والنوازل بعد معرفة الواقع على حقيقته ، وهو تقييد منكم موفق ، إذ الحكم على الشيء فرع عن تصوره . وليتكم عذرتم من سكت من إخوانكم العلماء عما زعمتموه تجاوزات من القاعدة وتجني منها على منهج السلف وعلماء الأمة ، فعذرهم عدم معرفتهم للواقع ، وعدم السماع من خصمكم .. أفلا تعدلون ؟!
نسأل الله عز وجل أن يوفقنا وإياكم لما يحبه ويرضاه ، وأن ينصرنا وإياكم على عدونا الأول (أمريكا) ، وأن يطهر قلوبنا وقلوبكم ، ويجمعها على الحق اللهم آمين .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .
أخوكم المحب الداعي لكم بخير
عطا نجد الراوي
حرر يوم الأربعاء 23 ربيع الأول 1428هـ
زائر- زائر
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى